منتديات نوائل

دلالة الالفاظ على الاحكام 613623
اهلا وسهلا بك في منتديات نوايل عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا دلالة الالفاظ على الاحكام 829894
ادارة المنتدي دلالة الالفاظ على الاحكام 103798





انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نوائل

دلالة الالفاظ على الاحكام 613623
اهلا وسهلا بك في منتديات نوايل عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا دلالة الالفاظ على الاحكام 829894
ادارة المنتدي دلالة الالفاظ على الاحكام 103798



منتديات نوائل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دلالة الالفاظ على الاحكام

اذهب الى الأسفل

دلالة الالفاظ على الاحكام Empty دلالة الالفاظ على الاحكام

مُساهمة من طرف TIGRE الأربعاء ديسمبر 22, 2010 5:19 pm

المطلب الأول
تعريف الدّلالة وأقسامها

والحديث في هذا المطلب يمكن تقسيمه على النحو التالي :
1- تعريف الدّلالة لغةً .
2- تعريف الدّلالة اصطلاحاً .
3- أقسام الدّلالة .
4- أقسام الدّلالة الوضعيّة عند الحنفيّة .
5- تعريف الدّلالة اللَّفظيّة الوضعيّة وأقسامها .
6- مذاهب الأصوليّين في لفظيّة دلالة التَّضَمُّن والالتزام .
ونُفَصِّل القول في كُلّ واحد منها فيما يلي ..
أوّلاً - تعريف الدّلالة لغةً :
والدّلالة : مَصْدَر " دَلّ يَدُلّ دلالةً " ؛ يقال " دَلّه على الطريق يَدُلّه دِلالةً ودَلالةً ودلولةً " والفتح أعلى : أيْ أَرْشَدَه .
وقِيل : " الدِّلالة " بالكسر : اسم لِعَمَل الدَّلاّل ، أو ما يُجْعَل لِلدّليل أو الدَّلاّل مِن الأجرة .
والمراد هُنَا : الدَّلالة بالفتح ، ومعناها : الإرشاد, وقِيل : ما يقتضيه اللفظ عند إطلاقه .
ويُسَمَّى الدليل " دلالةً " على طريق المَجاز ؛ لأنَّهم يُسَمّون الفاعل باسم المَصْدَر[1].
ثانياً - تعريف الدّلالة اصطلاحاً :
عَرَّف الأصوليّون الدّلالةَ بأنَّها : كَوْن الشيء يَلْزَم مِن فَهْمِه فَهْم شيء آخَر ، أو كَوْن الشيء بحيث يَلْزَم مِن العِلْم به العِلْم بِغَيْره [2] .
وهذا التعريف لا يخرج عن تعريف المناطقة ، وهو : فَهْم أمْر مِن أمْر أو كَوْن أمْر بحيث يُفْهَم منه أمْر آخَر ، فُهِم بالفعل أو لَمْ يُفْهَمْ .
ولا بُدّ لِلدّلالة عندهم مِن تَحَقُّق عنْصريْن : أحدهما : الدّالّ ، والثّاني : المدلول ..
نَحْو : الطَّرْق على الباب ؛ فإنَّه دالّ على وجود شَخْص ( مدلول ) ، وهذه الصِّفَة التي حَصَلَتْ لِلطَّرْق تُسَمَّى " دلالة "[3].
ثالثاً - أقسام الدّلالة :
قَسَّم المناطقة والأصوليّين الدّلالةَ إلى قِسْمَيْن :
القِسْم الأول : دلالة لفظيّة .
القِسْم الثاني : دلالة غَيْر لفظيّة .
وقَسَّموا كُلَّ قِسْم منهما إلى أقسام ثلاثة :
القِسْم الأول : دلالة عقليّة .
القِسْم الثاني : دلالة طبيعيّة .
القِسْم الثالث : دلالة وضعيّة .
ومِمَّا تَقَدَّم تصبح أقسام الدّلالة سِتّةً :
القِسْم الأول : دلالة لفظيّة عقليّة .
مثاله : دلالة صَوْت المتكلِّم على حياته .
القِسْم الثاني : دلالة لفظيّة طبيعيّة .
مثاله : دلالة " أح " ـ بالضَّم والفتح ـ على وجع الصدر وهو السعال .
القِسْم الثالث : دلالة لفظيّة وضعيّة .
مثاله : دلالة الإنسان على الحيوان الناطق .
وهذه الدّلالة هي محلّ اهتمام الأصوليّين وعنايتهم لاستخراج الأحكام على ضوئها .
القِسْم الرابع : دلالة غَيْر لفظيّة عقليّة .
مثاله : دلالة تَغَيُّر العالَم على حدوثه .
القِسْم الخامس : دلالة غَيْر لفظيّة طبيعيّة .
مثاله : دلالة الدخان على النار ، ودلالة الحُمْرَة على الخجل .
القِسْم السادس : دلالة غَيْر لفظيّة وضعيّة .
مثاله : دلالة دلوك الشمس على وجوب الصلاة ، ودلالة الإشارة بالرأس إلى أسفل على مَعْنَى " نَعَمْ "[4].
رابعاً - أقسام الدلالة الوضعيّة عند الحنفيّة :
قَسَّم الحنفيّة الدّلالةَ الوضعيّةَ قِسْمَيْن: لفظيّة وغَيْر لفظيّة ، ويُسَمّونها " بيان الضرورة ".
وقَسَّمواغَيْر اللَّفظيّةإلىأربعة أقسام كُلّها دلالةسكوتمُلْحَقباللَّفظيّة:
القِسْم الأول : ما يَلْزَم منطوقاً .
نَحْو : قوله تعالى { وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِـّهِ الثُّلُث }[5]؛ فإنَّه دالّ بسكوته عن ذِكْر نصيب الأب أنّ له الباقي .
القِسْم الثاني : دلالة حال الساكت الذي وظيفته البيان .
كسكوته r عند أمْر يشاهده مِن قول أو فِعْل ؛ فإنَّه يَدُلّ على الجواز .
القِسْم الثالث : اعتباره لِدَفْع التقرير .
نَحْو : دلالة سكوتالمَوْلَى عند رؤية عَبْدِه يبيع عن النهي على الإذن.
القِسْم الرابع : الثابت ضرورةَ الطُّول فيما تُعُورِف .
كـ" مائة ودرهم أو ودينار أو وقفيز " ؛ فالسكوت عن مُمَيِّز هذه عرفاً يَدُلّ على أنَّه مِن جِنْس ما عُطِف عليها ، بخلاف " مائة وعَبْد " أو " مائة وثَوْب " .
أمَّا الدّلالة اللَّفظيّة : فقَدْ قَسَّموها أربعة أقسام : عِبَارَة ، وإشارة ، ودلالة ، واقتضاء[6].
وسيأتي تفصيل القول ـ بإذن الله تعالى ـ في أقسام الدّلالة اللّفظيّة .
أمَّا الدّلالة الوضعيّة غَيْر اللَّفظيّة : فإنّ الأقسام فيها تُنَاظِر اختلاف غَيْر الحنفيّة في لفظيّة دلالة التَّضْمِين والالتزام ، غَيْرَ أنَّها عندهم مستنِدة إلى اللفظ ..
أمَّا عند الحنفيّة : فقَدْ تَستند إلى اللفظ كَمَا في الأول والرابع ، وقَدْ لا تَستند إليه كَمَا في الثاني والثالث .
خامساً - تعريف الدّلالة اللَّفظيّة الوضعيّة وأقسامها :
عَرَّف الأصوليّون الدّلالةَ اللّفظيّةَ بأنَّها : كَوْن اللفظ بحيث إذا أُرْسِل فُهِم
المَعْنَى لِلعِلْم بوضعه له [7] .
وقِيل : هي فَهْم المَعْنَى مِن اللفظ إذا أُطْلِق بالنسبة إلى العالِم بالوضع[8].
وقريب مِن هذه التعريفات تعريف المناطقة [9] .
أقسام الدّلالة اللَّفظيّة الوضعيّة :
قَسَّم الأصوليّون والمناطقة الدّلالةَ اللَّفظيّةَ الوضعيّةَ إلى أقسام ثلاثة :
القِسْم الأول : دلالة مطابقيّة .
وهي : دلالة اللفظ على تمام مُسَمّاه .
نَحْو : دلالة البيت على جميع مجموع الحائط والأساس والسقف .
القِسْم الثاني : دلالة تَضَمُّنِيّة .
وهي : دلالة اللفظ على جزء مَعْنَاه .
نَحْو : دلالة البيت على السقف وَحْدَه أو الحائط .
القِسْم الثالث : دلالة التزاميّة .
وهي : دلالة اللفظ على جزء معناه .
نَحْو : دلالة السقف على الحائط ، ودلالة الأسد على الشجاعة .
وسُمِّيَتِ " التزاميّةً " لأنّ المفهوم خارج عن اللفظ لازم له[10].
ووَجْه تقسيم الدّلالة اللَّفظيّة الوضعيّة إلى هذه الأقسام الثلاثة : ما ذَكَره
الفخر الرازي [11]ـ رحمه الله تعالى ـ في قوله :" اللفظ إمَّا أنْ تُعْتَبَر دلالته بالنسبة إلى تمام مُسَمّاه أو بالنسبةإلى ما يَكون داخلاً في المُسَمَّى مِن حيث هو كذلك ، أو بالنسبة إلى ما يَكون خارجاً عن المُسَمَّى مِن حيث هو كذلك : فالأول هو المطابقة ، والثاني التَّضَمُّن ، والثالث الالتزام " [12]ا.هـ.
سادساً - مذاهب الأصوليّين في لفظيّة دلالة التَّضَمُّن والالتزام :
لقَدِ اختلَف الأصوليّون غَيْر الحنفيّة في دلالة التَّضَمُّن والالتزام : هل هي لفظيّة أم عقليّة ؟
وقَدْ حَصَرْتُ لهم في ذلك ثلاثة مذاهب :
المذهب الأول : أنّ دلالتهما لفظيّة كدلالة المطابقة .
وهو اختيار ابن قدامة [13]والبيضاوي[14] والأصفهاني [15]والسالمي [16]رحمهم الله تعالى[17].
المذهب الثاني : أنّ دلالتهما عقليّة .
وهو اختيار الفخر الرازي ، وتَبِعه ابن السبكي [18] رحمهما الله [19].
المذهب الثالث : أنّ دلالة الالتزام عقليّة .
وهو اختيار ابن الحاجب [20]والآمدي [21] ، وظاهِر كلام الغزالي [22] رحمهم الله تعالى[23]
والراجح عندي : ما عليه أصحاب المذهب الثالث القائل بأنّ دلالة الالتزام عقليّة .

وأَعْجَبَنِي تعليل التفتازاني [24]ـ رحمه الله تعالى ـ لِجَعْل دلالة الالتزام
عقليّةً في قوله :" وتُسَمَّى المطابقة والتَّضَمُّن " لفظيّةً " لأنّهما ليستا بتوسط
الانتقال مِن مَعْنىً ، بلْ مِن نَفْس اللفظ ، بخِلاَف الالتزام ، فلِهذا حُكِم بأنّهما واحد بالذات ؛ إذ ليس ها هُنَا إلا فَهْم وانتقال واحد يُسَمَّى باعتبار الإضافة إلى مجموع الجزأيْن " مطابقةً " ، وإلى أحدهما " تَضَمُّناً " ، وليس في التَّضَمُّن انتقال مِن مَعْنَى الكُلّ تمّ منه إلى الجزء ، كَمَا في الالتزام يَنتقل مِن اللفظ إلى الملزوم ومنه إلى لازِمِه فيَتَحَقَّق فهمان " [25] ا.هـ .
المطلب الثاني
دلالة الألفاظ على الأحكام عند الحنفيّة

قَسَّم الحنفيّةُ اللفظَ باعتبار دلالته على الحُكْم إلى أربعة أقسام : عِبَارة النَّصّ ، وإشارته ، ودلالته ، واقتضائه .
ووَجْه الحصر فيها : أنّ الحُكْم المستفاد مِن اللفظ إمَّا أنْ يَكون ثابتاً بنَفْس اللفظ أولا..
والأول إنْ كان اللفظ مَسُوقاً له فهو العبارة ، وإلا فهو الإشارة .
والثاني إنْ كان الحُكْم مفهوماً منه لغةً فهي الدّلالة ، أو شرعاً فهو الاقتضاء[26].
وفيما يلي نُفَصِّل القول في كُلّ قِسْم منها ..
القِسْم الأول : عبارة النَّصّ .
عَرَّفَها الشاشي [27]ـ رحمه الله تعالى ـ بأنّها : ما سِيق الكلام لأجْله وأُرِيد به قَصْداً[28].
وعَرَّفَها السـرخسي[29]ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : ما كان السياق لأجْلِه ويُعْلَم قَبْل التأمل أنّ ظاهِر النَّصّ متناوِل له [30] .
وعَرَّفَها البزدوي [31]ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : العمل بظاهر ما سيق الكلام له[32]
وعَرَّفَها النسفي [33] ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : العمل بظاهر ما سيق الكلام له وأريد به قصداً ويُعْلَم قَبْل التأمل أنّ ظاهر النَّصّ متناوِل له [34] .
والأَوْلَى عندي : تعريف الشاشي رحمه الله تعالى .
مثاله : قوله تعالى { فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِـّنَ النِـّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَـثَ وَرُبَـع }[35]..
وَجْه الدّلالة : أنّ هذا النَّصّ أفاد بعبارته ولَفْظه إباحة النكاح والقَصْر على زوجاتٍ أربع ، فَهُمَا مقصودان مِن اللفظ ، إلا أنّ المَعْنَى الثاني هو المقصود أصالةً ؛ لأنّ الآية إنَّمَا سيقتْ عندما تَحَرَّج الأوصياء مِن قبول الوصاية خشيةَ الوقوع في الظُّلْم والجَوْر في أموال اليتامى ، وقَدْ يَحُول هذا الخوف دُون الإكثار مِن الزوجات فإباحة الزوجات مقصود تَبَعاً ، والمقصود أصالةً قَصْر عَدَد الزوجات على أربع أو واحدة ، ولِذا كانت عبارة النَّصّ دالّةً على قَصْر عَدَد الزوجات على أربع [36] .
ومثاله أيضاً : قوله تعالى { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرّبَوا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرّبَوا }[37]..
وَجْه الدّلالة : أنّ هذا النَّصّ أفاد بعبارته ولَفْظه حِلّ البيع وحرمة الربا وعدم المماثَلة بَيْنهما ، فَهُمَا مقصودان مِن اللفظ ، إلا أنّ الآية إنَّمَا سيقَتْ لأجْل نَفْي المماثَلة بَيْن البيع والربا ، ورَدّاً على المُشْرِكين الذين ادَّعَوْا مماثَلَتَهُمَا ..
وهذا المَعْنَى هو المقصود أصالةً مِن سياق النَّصّ ، والمَعْنَى الثاني ـ وهو حِلّ البيع وحرمة الربا ـ مقصود تَبَعاً ؛ لأنّه كان يُمْكِن الاكتفاء بنَفْي المماثَلة دون تَعَرُّض لِحِلّ الربا ، ولِذا كان هذا المَعْنَى مقصوداً مِن سياق النَّصّ تَبَعاً لِيَدُلّ على حرمة الربا ، ولِيُتَوَصَّل به إلى إفادة المَعْنَى المقصود أصالةً مِن النَّصّ وهو نَفْي المماثَلة ، وهذا هو الذي دَلَّتْ عليه عبارة النَّصّ[38].
القِسْم الثاني : دلالة الإشارة .
عَرَّفَها البزدوي ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : العمل بما ثبت بنظمه لغةً لكنّه غَيْر مقصود ولا سيق له النَّصّ وليس بظاهر مِن كُلّ وجْه[39].
وعَرَّفَها الشاشي ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : ما ثبت بنَظْم النَّصّ مِن غَيْر زيادة ، وهو غَيْر ظاهِر مِن كُلّ وَجْه ولا سيق الكلام لأجْله[40].
وعَرَّفَها السمرقندي [41] ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : ما عُرِف بنَفْس الكلام بنَوْع تأمُّل مِن غَيْر أنْ يزاد عليه شيء أو ينقص عنه ، لكنْ لم يَكُنِ الكلام سيق له ولا هو المراد بالإنزال حتّى يُسَمَّى " نَصّاً " [42].
وعَرَفَّهَا أمير بادشاه [43] ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : دلالة اللفظ على ما لم يُقْصَدْ به أصلاً ، لا أصالةً ولا تَبَعاً[44].
والأَوْلى عندي : تعريف البزدوي رحمه الله تعالى .
مثاله : قوله تعالى { وَحَمْلُهُ وَفِصَـلُهُ ثَلَـثُونَ شَهْرا }[45]..
وَجْه الدّلالة : أنّ هذا النَّصّ أفاد بعبارته ظهور المِنّة لِلوالدة على الولد لأنّ سياقه يَدُلّ على ذلك ، كَمَا أفاد ـ أيضاً ـ حَصْر مُدّة الحَمْل والرضاع في ثلاثين شَهْراً ..
لكنّه دَلّ بالإشارة على أنّ أَدْنَى مُدّة الحَمْل سِتّة أَشْهُر ؛ لأنَّه قَدْ ثبت تحديد مُدّة الرضاع في آية أخرى بحَوْلَيْن كامليْن في قوله عَزّ وجَلّ { وَالْوَلِدَتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَـدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَة }[46] وقوله تعالى { وَفِصَـلُهُ فِى عَامَيْن } [47].
وإذا كانت مُدّة الرضاعة بِلا حَمْل عاميْن ( أربعةً وعشرين شهراً ) وحَمْله
ورضاعه مجموعان ثلاثون شهراً فإنّ هذا الأخير فيه إشارة إلى أنّ أَقَلّ مُدّة الحَمْل ستّة أشهُر .
وقَدْ فَهِم ابن عباس [48] ـ رضي الله عنهما ـ ذلك ، وحَكَم بإشارة هذا النَّصّ أنّ أَقَلّ مُدَّة الحَمْل سِتّة أشهُر ، فَقَبِل الصحابة y منه ذلك واسْتَحْسَنوه [49] .
ومثاله أيضاً : قوله تعالى { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف } [50] ..
وَجْه الدّلالة : أنّ هذا النَّصّ أفاد بعبارته وجوب نفقة الزوجات المرضعات إذا كُنّ مطلَّقات على الوالد ( الزوج المطلّق ) ..
وأفاد بالإشارة :
1- أنّ الولد يُنْسَب إلى أبيه ؛ لأنّه أضافه إليه بِحَرْف اللام في قوله تعالى { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَه ... } .
2- أنّ لِلأب ولاية تَمَلُّك مال ولده ؛ لأنَّه نُسِب إليه بلام المِلْك .
3- أنّ الأب لا يشاركه في النفقة على ولده غَيْرُه .
4- أنّ استئجار الأمّ على الإرضاع حالَ قيام النكاح بَيْن الزوجيْن لا يجوز[51].
القِسْم الثالث : دلالة اللفظ .
عَرَّفَها الشاشي ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : ما عُلِم عِلَّةً لِلحُكْم المنصوص عليه لغةً ، لا اجتهاداً ولا استنباطاً[52].
وعَرَّفَها صَدْر الشريعة [53] ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : دلالة اللفظ على الحُكْم في شيء يوجَد فيه مَعْنىً يَفْهَم كُلُّ مَن يَعرف اللُّغَةَ أنّ الحُكْم في المنطوق لأجْل ذلك المَعْنَى [54].
وعَرَّفَها النسفي ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : ما ثبت بِمَعْنَى النَّصّ لغةً لا اجتهاداً[55].
وعَرَّفَها ابن الهمام [56]ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّهَا : دلالة اللفظ على ثبوت حُكْم منطوق لِمسكوت لِفَهْم مناطه بمُجَرَّد اللغة[57].
وهذا التعريف هو الأَوْلى عندي بالقبول .
ودلالة اللفظ تُسَمَّى عند الحنفيّة " فَحْوَى الخِطَاب " و" لَحْن الخِطَاب " و" مفهوم الموافَقة " ؛ لأنّ مدلول اللـفظ في حُكْم المسـكوت عنه مُوافِق لِمدلوله في حُكْم المنطوق إثباتاً ونَفْياً[58].
مثاله : قوله تعالى { فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفّ }[59]..
وَجْه الدّلالة : أنّ هذا النَّصّ أفادت عبارته تحريم التأفيف في حقّ الوالديْن ، والتأفيف له صورة معلومة ومَعْنىً لأجْله ثبتَت الحرمة وهي الأذى ..
وهذا المَعْنَى المعلوم لغةً يَجعل الحرمةَ ثابتةً في كُلّ ما يحقِّق الأذى قولاً كان أم فعلاً : كالضرب ونَحْوه ، بلْ هو في الضرب أَوْلَى ، ولِذا فإنّ هذا النَّصّ دَلّ على حرمة ضَرْب الوالديْن ، كَمَا أفاد بعبارته حرمة التأفيف في حَقِّهِمَا[60].
ومثاله أيضاً : ما رُوِي أنّ أعرابيّاً جاء إلى النَّبِيّ r فقال :" هَلَكْتُ وَأَهْلَكْت " فقال النَّبِيّ r{ مَاذَا فَعَلْت }فقال:" وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَان " فقال r{ أَعْتِقْ رَقَبَة }[61].
وَجْه الدّلالة : أنّ عِبَارة النَّصّ أفادت وجوب الكفّارة على الزوج ..
وأفاد النَّصّ دلالةً على وجوبها على الزوجة ؛ لأنّ المَعْنَى الذي يُفْهَم مُوجِباً لِلكَفّارة هو الجناية على الصوم ، وهي مشتركة بَيْنهما .
كَمَا أفاد ـ أيضاً ـ وجوب الكفّارة في الأكل والشُّرْب بدلالة النَّصّ ؛ لأنّ المَعْنَى الذي يُفْهَم في الوقاع مُوجِباً لِلكفّارة هو كَوْنُه جنايةً على الصَّوْم ؛ فإنَّه الإمساك عن المُفْطِرَات الثّلاث ، بَلْ هو أَوْلَى ؛ لأنّ الصَّبْر عَنْهُمَا أَشَدّ والداعية إليهما أَكْثَر ، فبالحَرِيّ أنْ يَثْبُت الزَّجْر فيهما[62].
هذا رأي الحنفية والثوري وجماعة وذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد رضي الله عنهما والظاهرية ونسب أيضا إلى الجمهور أن الكفارة في الجماع فقط وهو الراجح عندي[63].
القِسْم الرابع : مُقْتَضَى النَّصّ .
عَرَّفه الشاشي ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّه : زيادة على النَّصّ لا يَتَحَقَّق مَعْنَى النَّصّ إلا به [64] .
وعَرَّفه ابن عَبْد الشَّكُور [65] ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّه : دلالة المنطوق
على ما يتوقَّف صِحَّتُه عليه عقلاً أو شرعاً [66] .
وعَرَّفه السرخسي ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّه : زيادة على المنصوص عليه يُشْتَرَط تقديمه لِيَصِير المنظوم مفيداً أو مُوجِباً لِلحُكْم [67] .
وعَرَّفه البخاري [68] ـ رحمه الله تعالى ـ بأنَّه : ما ثبت زيادةً على النَّصّ
لِتصحيحه شرعاً[69].
والأَوْلى عندي : تعريف ابن عَبْد الشَّكُور رحمه الله تعالى .
أقسام مُقْتَضَى النَّصّ :
قَسَّم الأصوليّون ـومعهمعامّة الحنفيّة ـ المُقْتَضَى إلى أقسام ثلاثة [70] :
الأول : ما أُضْمِر ضرورةَ صِدْق المُتَكَلِّم .
مثاله : قوله r{ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوَا عَلَيْه }[71]..
وَجْه الدّلالة : أنّ عبارة النَّصّ أفادت أو دَلَّتْ على رَفْع الخطأ والنسيان وما اسْتُكْرِهُوا عليه عن أُمَّة مُحَمَّد r ، وكَيْف تُرْفَع هذه الأمور بَعْد وقوعها؟ وهو أمْر مُسْتَبْعَد ولا يُصَدَّق؛لأنّ الخطأ والنسيان يقعان بكثرة.
ولِذَا كان لا بُدّ لِصِدْق الكلام مِن تقدير مَعْنىً يقتضيه صِدْقُه ، وهو : رَفْع حُكْم الخطأ أو إثمه [72] .
الثاني : ما أُضْمِر لِصِحَّة الكلام عقلاً .
مثاله : قوله تعالى { وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِى كُنَّا فِيهَا }[73]..
وَجْه الدّلالة : أنّ عبارة النَّصّ أفادت سؤال القرية ، والقرية جماد لا يُسأل ، ولا يقوله عاقِل ..
ولِذَا كان لا بُدّ مِن إضمار مَعْنىً يُصْبِح النَّصّ به مقبولاً ، وهو : ( واسأل
أهْلَ القرية ) ، وهذا نَوْع مِن بلاغة القرآن الكريم[74].
الثالث : ما أُضْمِر لِصِحَّة الكلام شرعاً .
مثاله : قوله :" أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بألْف " ..
هذا اللفظ يَدُلّ بعبارته على طلب مِن الغَيْر بإعتاق عَبْدِه ، فإذا أَعْتَقَه وَقَع العتق على الآخَر ( الطالب ) وعليه الألْف ؛ لأنّ الأمر بالإعتاق عنه يَقْتَضِي تمليك العَيْن منه بالبيع لِيَتَحَقَّق الإعتاق عنه ، وهذا المُقْتَضَى يثبت مُتَقَدِّماً ويَكون بمنزلة الشَّرْط[75] .
TIGRE
TIGRE
Admin

عدد المساهمات : 135
تاريخ التسجيل : 28/11/2010

https://azerty.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى